إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة logo عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
shape
التعليقات الزكية على العقيدة الواسطية الجزء الأول
55005 مشاهدة print word pdf
line-top
11- إثبات صفة الوجه

[وقوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن: 27]. كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ [القصص: 88].


الشرح
* قوله: (وقوله: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ).
هاتان الآيتان دلتا على إثبات الوجه لله تعالى كما يشاء وقد وردت في القرآن آيات كثيرة فيها إثبات الوجه، كقوله تعالى: وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الأنعام: 52]. وكذلك قوله: وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ [الكهف: 28].
أي: يقصدون وجه الله بالرضا، أي: رضا وجهه سبحانه، وقوله سبحانه: إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ [الإنسان: 9]. أي: ابتغاء رضاه سبحانه.
ورد أيضا في السنة أحاديث كثيرة تثبت الوجه لله تعالى، منها قوله -صلى الله عليه وسلم- وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن وكقوله -صلى الله عليه وسلم- عن ربه: حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه وقوله: أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وغيرها من الأحاديث.
فيجب إثبات صفة الوجه لله تعالى كما يشاء الله، وكما يليق بجلاله وكماله، وهي صفة ذاتية أثبتها الله لنفسه ولم يخبرنا بكيفيتها، وإذا أثبتنا الصفة توقفنا عن الكيفية؛ لأن الله تعالى ليس كمثله شيء في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله.
ومن جملة صفاته: صفة الوجه، فليس وجهه كوجه المخلوقين، بل هو صفة تليق به سبحانه، وقد أنكر المعطلة الوجه لله تعالى، وقالوا: إن المراد بالآيتين المتقدمتين هو بقاء ذاته؛ لأنه يستحيل أن يبقى وجهه وحده بدون ذاته، ونرد عليهم بأنه سبحانه قد أضاف الوجه إليه في كلتا الآيتين وَجْهُ رَبِّكَ [ الرحمن: 27]. وجهه فدل ذلك على اتصافه بالوجه.
ولكن نقول: إن المقصود ببقاء وجهه هو بقاء ذاته سبحانه، فلا يدعونا ذلك إلى إنكار صفة الوجه وتعطيلها أو تأويلها وتحريفها بأنه الجهة أو الثواب أو نحو ذلك، وكذلك لا يلزم من إثبات الوجه لله تعالى وصفه سبحانه بأن له جسما مكونا من أعضاء وجوارح ونحو ذلك، بل نثبت ذلك لله كما يشاء من غير تعطيل ولا تكييف ولا تشبيه.

line-bottom